Details

كتاب الكافي


اسم الكتاب : كتاب الحج

اسم الباب : باب بدء الحجر والعلة في استلامه

عن المعصومين عليهم السلام :

من طريق الراوة :



الحديث الشريف :
محمد بن يحيى وغيره ، عن محمد بن أحمد ، عن موسى بن عمر ، عن ابن سنان، عن أبي سعيد القماط ، عن بكير بن أعين ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌ السلام : لأي علة وضع الله الحجر في الركن الذي هو فيه ، ولم يوضع في غيره ؟ ولأي علة يقبل ؟ ولأي علة أخرج من الجنة؟ ولأي علة وضع ميثاق العباد والعهد فيه ، ولم يوضع في غيره؟ وكيف السبب في ذلك؟ تخبرني جعلني الله فداك ؛ فإن تفكري فيه لعجب. قال : فقال : « سألت وأعضلت في المسألة ، واستقصيت ، فافهم الجواب ، وفرغ قلبك ، وأصغ سمعك ، أخبرك إن شاء الله. إن الله - تبارك وتعالى - وضع الحجر الأسود وهي جوهرة أخرجت من الجنة إلى آدم عليه‌ السلام ، فوضعت في ذلك الركن لعلة الميثاق ، وذلك أنه لما أخذ من بني آدم من ظهورهم ذريتهم حين أخذ الله عليهم الميثاق في ذلك المكان ، وفي ذلك المكان تراءى لهم ، ومن ذلك المكان يهبط الطير على القائم عليه‌ السلام ، فأول من يبايعه ذلك الطائر ، وهو والله جبرئيل عليه‌ السلام ، وإلى ذلك المقام يسند القائم ظهره ، وهو الحجة والدليل على القائم ، وهو الشاهد لمن وافى في ذلك المكان ، والشاهد على من أدى إليه الميثاق والعهد الذي أخذ الله - عز وجل - على العباد. وأما القبلة والالتماس ، فلعلة العهد تجديدا لذلك العهد والميثاق ، وتجديدا للبيعة وليؤدوا إليه العهد الذي أخذ الله عليهم في الميثاق ، فيأتوه في كل سنة ، ويؤدوا إليه ذلك العهد والأمانة اللذين أخذا عليهم ، ألاترى أنك تقول : أمانتي أديتها ، وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة ، وو الله ما يؤدي ذلك أحد غير شيعتنا ، ولاحفظ ذلك العهد والميثاق أحد غير شيعتنا ، وإنهم ليأتوه ، فيعرفهم ويصدقهم ، ويأتيه غيرهم ، فينكرهم ويكذبهم ، وذلك أنه لم يحفظ ذلك غيركم ، فلكم والله يشهد ، وعليهم والله يشهد بالخفر والجحود والكفر ، وهو الحجة البالغة من الله عليهم يوم القيامة ، يجي‌ء وله لسان ناطق، وعينان في صورته الأولى ، يعرفه الخلق ولاينكره ، يشهد لمن وافاه ، وجدد العهد والميثاق عنده بحفظ العهد والميثاق وأداء الأمانة ، ويشهد على كل من أنكر وجحد ونسي الميثاق بالكفر والإنكار. فأما علة ما أخرجه الله من الجنة ، فهل تدري ما كان الحجر؟ » قلت : لا. قال : « كان ملكا من عظماء الملائكة عند الله ، فلما أخذ الله من الملائكة الميثاق ، كان أول من آمن به وأقر ذلك الملك ، فاتخذه الله أمينا على جميع خلقه ، فألقمه الميثاق ، وأودعه عنده ، واستعبد الخلق أن يجددوا عنده في كل سنة الإقرار بالميثاق والعهد الذي أخذ الله - عز وجل - عليهم. ثم جعله الله مع آدم في الجنة يذكره الميثاق ، ويجدد عنده الإقرار في كل سنة ، فلما عصى آدم وأخرج من الجنة ، أنساه الله العهد والميثاق الذي أخذ الله عليه وعلى ولده لمحمد صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله ولوصيه عليه‌ السلام ، وجعله تائها حيران. فلما تاب الله على آدم ، حول ذلك الملك في صورة درة بيضاء ، فرماه من الجنة إلى آدم عليه‌ السلام وهو بأرض الهند ، فلما نظر إليه ، آنس إليه وهو لايعرفه بأكثر من أنه جوهرة ، وأنطقه الله عز وجل ، فقال له : يا آدم ، أتعرفني ؟ قال : لا ، قال : أجل ، استحوذ عليك الشيطان ، فأنساك ذكر ربك. ثم تحول إلى صورته التي كان مع آدم في الجنة ، فقال لآدم : أين العهد والميثاق؟ فوثب إليه آدم ، وذكر الميثاق ، وبكى ، وخضع له ، وقبله ، وجدد الإقرار بالعهد والميثاق ، ثم حوله الله - عز وجل - إلى جوهرة الحجر درة بيضاء صافية تضي‌ء ، فحمله آدم عليه‌ السلام على عاتقه إجلالا له وتعظيما ، فكان إذا أعيا حمله عنه جبرئيل عليه‌ السلام حتى وافى به مكة ، فما زال يأنس به بمكة ، ويجدد الإقرار له كل يوم وليلة. ثم إن الله - عز وجل - لما بنى الكعبة ، وضع الحجر في ذلك المكان ؛ لأنه - تبارك وتعالى - حين أخذ الميثاق من ولد آدم ، أخذه في ذلك المكان ، وفي ذلك المكان ألقم الملك الميثاق ، ولذلك وضع في ذلك الركن ، ونحى آدم من مكان البيت إلى الصفا ، وحواء إلى المروة ، ووضع الحجر في ذلك الركن ، فلما نظر آدم من الصفا وقد وضع الحجر في الركن، كبر الله وهلله ومجده فلذلك جرت السنة بالتكبير واستقبال الركن الذي فيه الحجر من الصفا ؛ فإن الله أودعه الميثاق والعهد دون غيره من الملائكة ؛ لأن الله - عز وجل - لما أخذ الميثاق له بالربوبية ولمحمد صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله بالنبوة ولعلي عليه‌ السلام بالوصية ، اصطكت فرائص الملائكة ، فأول من أسرع إلى الإقرار ذلك الملك ، لم يكن فيهم أشد حبا لمحمد وآل محمد صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله منه ، ولذلك اختاره الله من بينهم ، وألقمه الميثاق ، وهو يجي‌ء يوم القيامة وله لسان ناطق ، وعين ناظرة ، يشهد لكل من وافاه إلى ذلك المكان ، وحفظ الميثاق ».


   Back to List