اسم الكتاب : كتاب الإيمان والكفر
اسم الباب : باب الكبائر
            عن المعصومين عليهم السلام :
            
        
من طريق الراوة :
            الحديث الشريف :
            
             عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه رفعه ، عن محمد بن داود الغنوي  ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : جاء رجل إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إن ناسا  زعموا أن العبد لايزني وهو مؤمن ، ولايسرق وهو مؤمن ، ولايشرب الخمر وهو مؤمن ، ولايأكل الربا وهو مؤمن ، ولايسفك الدم الحرام وهو مؤمن ، فقد ثقل علي هذا  وحرج  منه صدري حين أزعم أن هذا العبد يصلي صلاتي ، ويدعو دعائي ، ويناكحني وأناكحه ، ويوارثني وأوارثه ، وقد خرج من الإيمان من أجل ذنب يسير أصابه؟ فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : « صدقت  ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول  : والدليل عليه  كتاب الله ، خلق الله - عز وجل - الناس على ثلاث طبقات ، وأنزلهم  ثلاث منازل ، وذلك قول الله - عز وجل - في الكتاب  : ( أصحاب الميمنة ) ، ( وأصحاب المشئمة ) ، ( والسابقون ).   فأما ما ذكر  من أمر  السابقين ، فإنهم  أنبياء مرسلون وغير مرسلين ، جعل الله فيهم خمسة أرواح : روح القدس ، وروح الإيمان ، وروح القوة ، وروح الشهوة ، وروح البدن ؛ فبروح القدس بعثوا أنبياء مرسلين  وغير مرسلين ، وبها علموا الأشياء ؛ وبروح الإيمان عبدوا الله ، ولم يشركوا به شيئا  ؛ وبروح القوة جاهدوا عدوهم ، وعالجوا معاشهم  ؛ وبروح الشهوة أصابوا لذيذ الطعام ، ونكحوا الحلال من شباب   النساء  ؛ وبروح البدن دبوا  ودرجوا  ؛ فهؤلاء مغفور لهم ، مصفوح عن ذنوبهم  ». ثم قال : « قال الله عز وجل : ( تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس )  ثم قال في جماعتهم : ( وأيدهم بروح منه )  يقول : أكرمهم بها ، ففضلهم  على من سواهم ؛ فهؤلاء مغفور لهم ، مصفوح عن ذنوبهم. ثم ذكر أصحاب الميمنة - وهم المؤمنون  حقا - بأعيانهم ، جعل الله فيهم أربعة أرواح : روح الإيمان ، وروح القوة ، وروح الشهوة ، وروح البدن ؛ فلا يزال العبد يستكمل  هذه الأرواح الأربعة حتى تأتي  عليه حالات ». فقال الرجل : يا أمير المؤمنين ، ما هذه الحالات؟ فقال : « أما أولاهن  ، فهو  كما قال الله عز وجل : ( ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم  بعد علم شيئا )  فهذا ينتقص  منه جميع الأرواح ، وليس بالذي يخرج من دين الله ؛ لأن الفاعل به رده إلى أرذل عمره  ، فهو  لايعرف للصلاة وقتا ،   و  لايستطيع التهجد  بالليل ولابالنهار  ، ولا القيام في الصف مع الناس ؛ فهذا نقصان من روح الإيمان ، وليس يضره شيئا. ومنهم  : من ينتقص  منه روح القوة ، فلا يستطيع  جهاد عدوه ، ولايستطيع طلب المعيشة . ومنهم : من ينتقص  منه  روح الشهوة ، فلو مرت به أصبح  بنات آدم لم يحن إليها  ، ولم يقم ، وتبقى  روح البدن فيه  ، فهو يدب ويدرج حتى يأتيه ملك الموت ، فهذا الحال  خير  ؛ لأن الله - عز وجل - هو الفاعل به  ، وقد تأتي  عليه حالات  في قوته وشبابه  ، فيهم بالخطيئة ، فيشجعه  روح القوة ، ويزين  له روح الشهوة ، ويقوده  روح البدن حتى . توقعه  في الخطيئة  ، فإذا  لامسها نقص من الإيمان ، وتفصى  منه ، فليس  يعود  فيه حتى يتوب ، فإذا تاب تاب الله عليه ، وإن  عاد أدخله الله  نار جهنم. فأما  أصحاب المشأمة ، فهم اليهود والنصارى ؛ يقول الله عز وجل : ( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ) يعرفون محمدا صلى الله عليه وآله والولاية في التوراة والإنجيل ، كما يعرفون أبناءهم  في منازلهم ( وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون  .  الحق من ربك) : أنك  الرسول إليهم ( فلا تكونن من الممترين )  فلما جحدوا ما عرفوا ، ابتلاهم الله  بذلك ، فسلبهم روح الإيمان ، وأسكن أبدانهم ثلاثة أرواح : روح القوة ، وروح الشهوة ، وروح البدن. ثم أضافهم إلى الأنعام ، فقال : ( إن هم إلا كالأنعام )  لأن الدابة إنما تحمل بروح القوة ، وتعتلف  بروح الشهوة ، وتسير بروح البدن ». فقال له  السائل  : أحييت قلبي بإذن الله يا أمير المؤمنين .