اسم الكتاب : كتاب الحدود
اسم الباب : باب آخر منه
            عن المعصومين عليهم السلام :
            
        
من طريق الراوة :
            الحديث الشريف :
            
             علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن عمران بن ميثم أو صالح بن ميثم  ، عن أبيه ، قال : أتت امرأة مجح  أمير المؤمنين عليه السلام ، فقالت : يا أمير المؤمنين ، إني زنيت ، فطهرني طهرك الله ، فإن عذاب الدنيا أيسر  من عذاب الآخرة الذي لاينقطع.فقال لها : « مما  أطهرك؟ » فقالت : إني زنيت.فقال لها : « أوذات  بعل أنت  ، أم غير ذلك؟ » فقالت  : بل ذات بعل.فقال لها : « أفحاضرا كان بعلك إذ  فعلت ما فعلت ، أم غائبا كان عنك؟ » فقالت  : بل حاضرا .فقال لها : « انطلقي  فضعي ما في بطنك ، ثم ائتني أطهرك ».فلما ولت عنه المرأة ، فصارت حيث لاتسمع كلامه ، قال : « اللهم إنها شهادة ».فلم يلبث  أن أتته ، فقالت : قد وضعت فطهرني ، قال : فتجاهل عليها ، فقال : « أطهرك يا أمة الله مما  ذا؟ » فقالت  : إني زنيت ، فطهرني.فقال : « وذات بعل أنت  إذ فعلت ما فعلت؟ » قالت : نعم.قال : « وكان  زوجك حاضرا ، أم  غائبا؟ » قالت  : بل حاضرا .قال : « فانطلقي  فأرضعيه  حولين كاملين كما أمرك الله ».قال : فانصرفت المرأة ، فلما صارت  من  حيث لاتسمع كلامه ، قال : « اللهم إنهما  شهادتان ».قال : فلما مضى حولان  أتت المرأة ، فقالت : قد أرضعته حولين ، فطهرني يا أمير المؤمنين ، فتجاهل عليها وقال  : « أطهرك مما ذا؟ » فقالت : إني زنيت ، فطهرني.فقال  : « وذات  بعل أنت  إذ فعلت ما فعلت؟ » فقالت : نعم.قال : « وبعلك  غائب عنك  إذ فعلت ما فعلت ، أو حاضر ؟ » قالت  : بل حاضر.قال : « فانطلقي  فاكفليه حتى يعقل أن يأكل ويشرب ، ولا يتردى من سطح ، ولا يتهور  في بئر ».قال : فانصرفت وهي تبكي ، فلما ولت فصارت  حيث لاتسمع كلامه ، قال  : « اللهم إنها  ثلاث شهادات ».قال : فاستقبلها عمرو بن حريث المخزومي ، فقال لها : ما يبكيك يا أمة الله ، وقد رأيتك تختلفين إلى علي تسألينه أن يطهرك؟فقالت : إني  أتيت أمير المؤمنين عليه السلام ، فسألته أن يطهرني ، فقال : « اكفلي ولدك حتى يعقل أن يأكل ويشرب ، ولا يتردى من سطح ، ولا يتهور  في بئر » وقد  خفت أن يأتي علي الموت ولم يطهرني.فقال لها عمرو بن حريث : ارجعي إليه ، فأنا أكفله.فرجعت فأخبرت  أمير المؤمنين عليه السلام بقول عمرو ، فقال لها أمير المؤمنين عليه السلام وهو متجاهل  عليها : « ولم يكفل عمرو ولدك؟ ».فقالت : يا أمير المؤمنين ، إني زنيت ، فطهرني.فقال : « وذات  بعل أنت  إذ فعلت ما فعلت ؟ » قالت : نعم.قال : « أفغائبا  كان  بعلك إذ فعلت ما فعلت ، أم حاضرا ؟ » قالت  : بل حاضرا .قال  : فرفع رأسه إلى السماء وقال  : « اللهم إنه قد ثبت لك  عليها أربع شهادات ، وإنك قد  قلت لنبيك صلى الله عليه وآله وسلم فيما أخبرته به  من  دينك : يا محمد ، من عطل حدا من حدودي فقد عاندني ، وطلب بذلك مضادتي ، اللهم فإني  غير معطل حدودك ، ولا طالب مضادتك  ، ولا مضيع لأحكامك ، بل مطيع لك ، ومتبع سنة نبيك صلى الله عليه وآله وسلم ».قال : فنظر إليه  عمرو بن حريث وكأنما الرمان يفقأ  في وجهه ، فلما رأى  ذلك عمرو  ، قال : يا أمير المؤمنين ، إنني  إنما أردت أن  أكفله إذ ظننت أنك تحب ذلك ، فأما إذا  كرهته فإني لست أفعل.فقال أمير المؤمنين عليه السلام : « أبعد  أربع شهادات بالله لتكفلنه وأنت صاغر؟ ».فصعد أمير المؤمنين عليه السلام المنبر فقال : « يا قنبر ، ناد في الناس : الصلاة جامعة  ».فنادى قنبر في الناس ، فاجتمعوا حتى غص المسجد بأهله  ، وقام أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : « أيها  الناس ، إن  إمامكم خارج بهذه المرأة إلى هذا الظهر ليقيم عليها الحد إن شاء الله ، فعزم عليكم أمير المؤمنين لما خرجتم وأنتم متنكرون  ، ومعكم أحجاركم  ، لايتعرف  منكم أحد  إلى أحد  حتى تنصرفوا  إلى منازلكم إن شاء الله ».قال : ثم نزل ، فلما أصبح الناس بكرة خرج بالمرأة ، وخرج الناس  متنكرين  متلثمين بعمائمهم وبأرديتهم ، والحجارة في أرديتهم وفي أكمامهم حتى انتهى بها والناس معه إلى الظهر بالكوفة  ، فأمر أن يحفر لها حفيرة  ، ثم دفنها فيها  ، ثم ركب بغلته وأثبت رجله  في غرز  الركاب ، ثم وضع إصبعيه السبابتين في أذنيه ، ثم نادى بأعلى صوته : « يا  أيها الناس ، إن الله ـ تبارك وتعالى ـ عهد إلى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم عهدا عهده محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلي بأنه لايقيم الحد من لله عليه حد ، فمن كان لله  عليه حد  مثل ما له  عليها  ، فلا يقيم عليها الحد ».قال : فانصرف الناس يومئذ كلهم ما خلا أمير المؤمنين عليه السلام والحسن والحسين عليهماالسلام ، فأقام هؤلاء الثلاثة عليها الحد يومئذ ، وما معهم غيرهم.قال : وانصرف فيمن انصرف يومئذ محمد بن أمير المؤمنين عليه السلام   عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن خلف بن حماد  : عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : « جاءت امرأة حامل إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، فقالت له  : إني فعلت ، فطهرني » ثم ذكر نحوه.